طباعة

الزمن قراءة تحليلية موجزة

Posted in الثقافة

 

وهذا يعني أن أبن رشد قد أخذ بنظرية أرسطو القائلة بأزلية المادة وأبديتها، وأن الخلق عنده لم يكن غير أن الله قد حرك المادة لكي ينقلها من وضع القوة إلى وضع الفعل لا أكثر. إذ لم توجد أية حركة قبل الخلق للوجود. فالحركة لا تكون إلا في الأشياء المادية. وإن لم توجد الحركة فإنه قطعاً لا يوجد الزمن. أن الحركة التي وجدت هي كلية للأجسام السماوية أو الكونية وضمن المكان التي توجد فيه: "هي كالحركة الكلية في المكان للحيوان". وكذلك الحال نفسها مع حركات الأجزاء للأجرام السماوية حيث أن "الحركة السماوية واحدة بالعدد". بينما الأجسام السماوية فهي لا يمكن أن تكون "واحدة بالعدد" وإنما هي "واحدة بالنوع". وبذلك فإنها مستمرة وباقية من حيث بقاء الحركة الواحدة بالعدد فحسب.
أن كلام أبن رشد عن الزمن أقرب إلى الفكر المادي من الفكر المثالي. ربما نتيجة سعيه إلى ردم الخلافات بين المتكلمين والمعتزلة والأشعرية من جهة، والفلاسفة الأغريق والمسلمين من جهة أخرى؛ قادته أن يضيق ويبسط في بعض مفاهيمه وآرائه الفلسفية.
ويحذو رينه ديكارت (1596-1650) على منوال أبن سينا في "فكرة الإمتداد". حيث قد ساوى بين المادة والمكان وجعله على شكل دقائق مادية صغرى. أما الزمان فلقد أعتبره نسق من نسق التفكير، حيث له صفته الرئيسية وهي الإستمرار المتواصل. بمعنى آخر، أن الزمان وفق المفهوم الديكارتي ليس له وجود موضوعي، وإنما من تأليف العقل. أما الإمتداد في الأجسام والمكان التي توجد فيه فيمنحهما صفة الواقع الموضوعي. وهكذا  طور ديكارت مناهج العلم بمفاهيم جديدة في تفسير الوجود حيث قد فصل الوجود كواقع فيزياوي قابل للقياس عن الوجود الذي يدرك من خلال العقل. حيث "يجب علينا أن نكتشف المبادىء اليقينية فيما يختص بالأشياء المادية، وليست مشتقة من تحيزات الحواس بل من نور العقل"12.
ولقد رفض ويلهام لايبنتز (1646-1716) صفة المكان والزمان المطلقين عند نيوتن، ونص على أن إنهما فقط عبارة عن علاقات ذات ترتيب في العمليات الموجودة بين الأشياء. أي أن الزمان والمكان يربطهما لايبنتز بالمادة، حيث ليس لهما واقع منفصل مطلق. وبما أن المادة عند لايبنتز عبارة عن مونادات: "جواهر فردة" أو ذرات روحية وهي لا تنفصل عن بعضها البعض.

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed