طباعة

بين الإبداع والابتذال خيط رفيع ونسأل المثقفين : هل يوجد كتاب يستحق المصادرة ؟

Posted in الثقافة


إن طرح هذه المسألة أصلا لا معنى له، وعلينا أن نسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية، ونتأمل بعمق لفظ "الرقابة" المشتق من الرقبة والدال ضمنيا على إمكانية قطع الرقاب.

وحول رأيه في أن بعض الكتب قد تستحق المصادرة يقول صاحب رواية "عزازيل" المثيرة للجدل: إذا وجدت كتابا لا أوافق عليه من زاويتي فإما ان أتجاهله فيسقط من تلقاء نفسه أو أرد عليه إذا كان يستحق الرد، أما المنع والحظر وغير ذلك من هذه الأدوات البائسة فقد أثبتت التجربة التاريخية أنها غير فعالة.

ويضيف مدير مركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية: انظري إلى الضجة التي أثيرت لعشرات السنين حول رواية "أولاد حارتنا" ماذا حدث بعد أن نشرت الرواية مؤخرا؟ لا شئ..فلا الرواية أثرت على عقائد الناس، ولا انتقصت من شأن دين أو مذهب، ولا أحدثت أثرا فكريا! فلماذا جرى كل ما سبق، ألم يكن في ذلك تضييع للوقت والجهد؟ ولكن يبدو أن المسألة في نهاية الأمر هي "بالونات" اختبار تمارس من خلالها جماعات الضغط لعبة القط والفأر، ولعبة الكراسي الموسيقية، في محاولة من كل طرف إثبات حضوره حتى لو تمت في سبيل ذلك التضحية بالإبداع والتفكير العقلي الرصين والمحاولة الصادقة لإثارة الأسئلة الحقيقية.

الطغاة والكتب

ينضم الناقد الأردني د. محمد عبد الله القواسمة إلى قائمة الرافضين للمصادرة ويقول أن الرقابة تستطيع أن تصادر الكتاب، تحرقه، تزج بالمبدع في غياهب السجون، تجعله يتنقل من منفى إلى آخر، تعيقه عن الإبداع، تقتله لكنّها لا تستطيع أن تنتصر على إبداعه بل إنّ إبداعه يزداد تألقاً وعمقاً وانتشاراً.

هكذا لم تفسد الرقابة إبداع فلوبير أو د.هـ. لورنس أو سولجنتسين أو مظفر النواب أو نزار قباني أو نجيب محفوظ أو طه حسين ، لقد بقى إبداع هؤلاء وفكرهم، وانهزمت الرقابة لتظلّ وصمة عار في التاريخ الإنساني.

لقد وجهت وسائل الاتصال الحديثة، والتقدم الهائل في تكنولوجيا المعلومات صفعة قوية للرقابة؛ فشلّت قدرتها وحركتها في مطاردة الإبداع والمبدعين؛ فمن السهولة أن يتواصل القارئ مع أيّ فكر أو إبداع على صفحات الإنترنت والكتب الرقمية بل إن الكتاب الورقي الذي تستطيع أن تصادره الرقابة أصبح مهدّداً في بقائه.

ويضيف مؤكدا: الإبداع تجربة ذاتية لا يمكن أن تترعرع إلاّ في ظلّ الحرية، فأيّ إحساس بالرقابة سواء من الخارج أم من  الداخل يقتل الإبداع، وضمير المبدع ينطلق من الإخلاص لعمله، ويتمحور حول هدف وحيد هو تجويد هذا العمل.

أما المصادرة فتعني تحكم الفكر الأحادي، ولا يصادر الكتب أو يحرقها إلاّ الطغاة، كما فعل هولاكو في إحراق مكتبات بغداد، والنازيون الألمان في ثلاثينيات القرن الماضي، والغزاة الأمريكيين عندما نهبوا ودمّروا متحف بغداد الوطني بعد سقوط بغداد، فالوقوف أمام الفكر لا يكون إلاّ بالفكر ذاته عن طربق النقد والمحاورة والتسامح، أمّا ما ينتجه أدعياء الثقافة والأدب فلا يجب أن يقابل إلا بالإهمال.

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed