طباعة

خريطة الحب

Posted in المجتمع

والبعض يتساءل : هل يمكن أن تكون هناك صداقة بين رجل وامرأة ؟ ... والإجابة هى أن الصداقة بين الرجل والمرأة ستشكل قاعدة يمكن أن يقوم عليها الحب فى أى لحظة , لهذا إذا كان قيام الحب سيشكل مشكلة قيمية أو اجتماعية أو دينية فإن الصداقة هنا ستحمل مخاطر التحول إلى حب , وهذا التحول ربما يحدث تدريجيا دون وعى أو سيطرة من الطرفين أو أحدهما , خاصة إذا كانت هناك فرصا كثيرة للإلتقاء والتحاور والإقتراب . وقد تكون لنا سيطرة عند مستوى الصداقة ولكن هذه السيطرة نفقدها كليا أو جزئيا عن مستوى الحب , ولهذا وجب التنويه .

بين الحب والإفتتان :

رأته لأول مرة فأحست بمشاعر غامرة اهتز لها كيانها  فهو فارس أحلامها الذى انتظرته من سنين , ولم تتملك نفسها واقتربت منه وتبادلا التليفونات وبدأت العلاقة التى اتسمت من أول لحظة بأنها صاخبة ومشحونة بالمشاعر ومليئة فى نفس الوقت بالمشكلات , فعلى الرغم من حبهما الجارف إلا أن بينهما خلافات واختلافات عميقة , وهم كثيرى الخصام وكثيرى العودة مرة أخرى لأسبا ب تبدو معقولة فى بعض المرات وتبدو تافهة فى مرات أخرى . وكثيرا ما قررا الإنفصال ولكنهما يعودا مرة أخرى على وعد بتصحيح أوضاع لا تصحح أبدا , وهكذا بلا نهاية يختلط لديهما الحب الجارف بالخلافات المؤلمة , فهما بكل المقاييس مختلفين نفسيا واجتماعيا وماديا , ومع هذا مرتبطين عاطفيا بشدة غير مفهومة .

هذا نموذج لحالة افتتان يغيب عنها الأبعاد المنطقية والراسخة للحب , والإفتتان علاقة تأتى فجأة وعفوية على عكس الحب الذى يحتاج وقتا كافيا لينمو ويحتاج فترة حضانة يخرج بعدها قويا فتيا قابلا لأن يعيش ويسعد الطرفين . وفى الإفتتان يحب الشخص حالة الحب أكثر مما يحب الآخر , والآخر هنا ما هو إلا مرآة مناسبة يرى فيها حالة حبه ويتعلق بها , فالمفتتن هنا يسعد بطقوس الحب من اتصالات ولقاءات وخصام وعتاب وعودة ولقاء وفراق وغيرها . وفى الإفتتان نجد اختلافات شديدة بين الطرفين ونجد علامات التوافق قليلة أو منعدمة بينما فى الحب نجد مساحات هائلة للتوافق والإتفاق ونجد توحدا بين الإثنين فى مواقف كثيرة فهما يشعران معا ويفكران معا ويتحركان معا فى حين أنه فى الإفتتان نجد الشخصين يسيران فى عكس الإتجاه لكل منهما .والمفتتن يعيش حالة من القلق وحالة من الحرمان ويحلم بأشياء ويتمنى أشياء لا تتحقق , أما المحب الحقيقى فيشعر بحالة من السكينة والطمأنينة ويشعر بالإرتواء والرضا , ويرى أن أحلامه وأمنياته يتحقق منها الكثير وما تبقى هو فى طريقه إلى التحقيق ولهذا نجده يعيش حالة من الطمأنينة والسلام مع نفسه ومع من حوله . والمفتون قد يصيبه اليأس والإحباط من تصرفات الطرف الآخر فتتدهور أحواله ويفقد طموحه فى الحياة ويزهد الطعام والشراب وتتدهور صحته ويعيش فى حالة من الذهول وربما يهيم على وجهه (كما فعل قيس بن الملوح) , أما المحب فإن نفسه تمتلئ بالأمل والتفاؤل ويرتفع طموحه وتزيد لديه الرغبة فى العمل وتزدهر ملكاته وقدراته , ويحاول أن يفعل أشياء عظيمة ونبيلة ليرضى بها محبوبه ويكون عند حسن ظنه , ففى الحب يسعى كل طرف للإرتقاء ولإسعاد الآخر فى حين نجد فى الإفتتان حالة من التدهور والعذاب المتبادل .والإفتتان يتميز بمشاعر هائلة ومشتعلة وجارفة تمتزج برغبات جسدية متعجلة وهى قابلة للتغير بسرعة وربما الإنطفاء بسرعة على غير المتوقع , فى حين نجد مشاعر الحب أكثر هدوءا وأطول عمرا وتنمو بقوة وثبات مع الوقت ولا تتعجل تحقيق الرغبات الجسدية أو الوصال الحسى ولكن تتركها تحصل فى وقتها الطبيعى وبتطور منطقى تكاملى .

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed