طباعة

ماذا حدث للفلاح المصرى ؟

Posted in المجتمع

وفى بعض الإحصائيات تبين أن 20% من الأسر المصرية بلا أب نظرا لسفره بالخارج . ومن الناحية النفسية والإجتماعية فقد أثر ذلك الوضع كثيرا على بنية الأسرة , فالزوجة محرومة من حقوقها الزوجية الطبيعية , وهذا يجعلها فى حالة غير سوية فى الأغلب حتى وإن تظاهرت بالسواء , والزوج كذلك , والأولاد والبنات فقدوا صورة الأب , تلك الصورة الهامة تربويا ونفسيا لهم , وبهذا تغيرت التركيبة النفسية والقيمية لهذا الجيل فلم يعد منتميا للأب أو متأثرا به , فصورة الأب لديه باهتة أو منقوصة أو منعدمة . والأم تورطت فى دور مزدوج (أب وأم ) تحاول القيام به فيرهقها ويفقدها أنوثتها الطبيعية خاصة حين تحاول أن تستلهم الصفات الرجولية لكى تسيطر على أبنائها الذكور الذين دخلوا فى مراحل المراهقة أو الشباب , وهى تشعر بعدم الأمان وتشعر بالخوف من الفشل فى القيام بمهمتها فتبالغ فى حماية أبنائها أو السيطرة عليهم , فيواجهون هم ذلك بالعناد والتمرد .

والأب يشعر بالذنب والتقصير تجاه زوجته وأبنائه فيحاول تعويضهم ماديا بإغداق الإنفاق وكثرة الهدايا (قدر استطاعته) وتلبية طلباتهم بشكل فورى وهو لا يعلم أن ذلك فى النهاية يفسدهم لأنه يفتح شهيتهم الإستهلاكية الإعتمادية , ويعودهم على الأخذ الدائم , ويعطل لديهم قيم العمل والإجتهاد والعطاء والسعى وراء الإحتياجات .

وعلى الجانب الإجتماعى نرى الفلاح المسافر يعلو ببنائه على جاره المقيم ويتباهى بما حققه من ثروة ( أو تتباهى أسرته) ويثير روح المنافسة أو الحقد لدى من لم يسافر , ونتيجة هذا حالة من عدم التوازن الإجتماعى ربما تصل إلى نوع من الطبقية تدفع المقيم إلى السفر أو إلى تحقيق الثروة بأية طريقة لكى يلحق بمستوى من سافروا .

وعلى الجانب الثقافى والدينى فإن من سافروا قد عادوا بقيم البلاد التى سافروا إليها وثقافتها وحاولوا نقلها إلى مجتمعهم الريفى فحدث تغير نوعى فى التركيبة الدينية والثقافية فى الريف المصرى .

 

النمط المعمارى:

اختفى النمط المعمارى المميز للقرية (البيوت المبنية من الطين ذات الطابق الواحد أو الطابقين على الأكثر والتى تحوى غرفا صغيرة وحظيرة للحيوانات ثم حظيرة للطيور ) , وحل محلها مبان بالطوب الأحمر ذات طوابق متعددة وليس لها أى نمط مميز بل هى تبنى كيفما اتفق , ولذلك أصبح شكل القرية عشوائيا يحوى بعض البيوت القديمة الطينية مع الكثير من الكتل الأسمنتية والطوب الأحمر الذى يخلو من البساطة والجمال , وبجانب هذا بعض البيوت الفارهة على نمط المدينة , وكل هذا يشكل مسخا لا ينتمى إلى القرية أو إلى المدينة , وربما هذا المسخ المعمارى يقابله مسخا ثقافيا وأخلاقيا فى نفوس الناس فلاهم ينتمون إلى قيم القرية ولا هم استوعبوا قيم المدينة .

 

الإنتاج الغذائى :

كان الفلاح المصرى فيما مضى ينتج غذاءه من أرضه ومن حظيرة مواشيه وكانت زوجته تقوم على تربية الدواجن التى تغطى احتياجات البيت من اللحوم . ففى البيت القمح والأرز واللبن والبطاطس والكوسة والبامية والملوخية , وكلها أشياء منتجة محليا , أما الآن فهو يشترى الخبز من الفرن أو من محلات البقالة , وقد عزفت زوجته عن "الخبيز" وعزفت عن تربية الدواجن , وعزف هو عن تربية المواشى (ربما لغلاء تكلفة هذه التربية على المستوى الفردى) , وأصبح الفلاح مطالب بشراء الكثير مما يأكله .

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed