طباعة

ماذا حدث للفلاح المصرى ؟

Posted in المجتمع

مجتمع القرية والشاشة :

لقد أحدثت الشاشة بكل تنويعاتها ( التليفزيون والكومبيوتر والموبايل ) تغيرات نوعية فى المجتمع الريفى , فالفلاح يجلس أمام التليفزيون لوقت متأخر فلا يتمكن من الإستيقاظ مبكرا كما كان , وقد انفتح عقله على عوالم جديدة يراها أمام عينه فترفع من مستوى طموحه وربما مستوى شراهته الإستهلاكية , وقد أدى هذا إلى تقلص حالة الرضا التى كان يتسم بها الفلاح والتى كانت سمة مميزة له فلم يعد الآن راضيا أو قانعا . وغيرت شاشة التليفزيون وشاشة الكومبيوتر والإنترنت من قيم الفلاح حيث انفتحت عينه على الكثير من المحظورات والمحرمات , واتسعت مساحة رؤيته فى المناطق الإيجابية والسلبية على السواء , ولكن هذا أحدث شرخا هائلا بداخله , حيث يرى هذا العالم الواسع الذى يعد بالثروة والمتعة وفى ذات الوقت حين يغلق الشاشة يصحو على واقعه الفقير المؤلم .

وهذه الشاشات قد أثرت على القدرة الإنتاجية للفلاح المصرى تأثيرا سلبيا حيث استنزفت جزءا كبيرا من قوته وطاقته (بالسهر أمام التليفزيون والإنترنت) وماله (من خلال الإنفاق المتزايد على التليفون المحمول) .

وحين تزور قرية مصرية تفاجأ باختفاء مخازن الغلال التى كانت تعلو السطوح بشكلها المميز , وقد حل محلها أعداد هائلة من أطباق الفضائيات , وهذا يعنى الإنتقال من الإنتاج والتخزين إلى السهر والرفاهية .

وثمة صورة كاريكاتورية تراها الآن كثيرا فى القرية فى شكل فلاح يمتطى حماره ويتحدث فى تليفونه المحمول إلى زوجته الجالسة أمام التليفزيون أو إلى ابنه الجالس فى مقهى الإنترنت حيث يقضى معظم وقته .

الطقوس الإجتماعية :

مر زمن طويل على القرية المصرية اتسمت فيه بالبساطة فى طقوس الأفراح والمآتم , أما فى السنوات الأخيرة فثمة سباق محموم فى التظاهر والتفاخر فى مثل هذه المناسبات , حيث المبالغة فى تجهيز أساس العروسين بما يتجاوز بكثير قدرة ألأسرتين , والمبالغة المستفزة أحيانا فى طقوس الأفراح بإقامتها فى قاعات النوادى وبتكلفة هائلة نسبيا (بدلا من إقامتها قبل ذلك فى البيت أو فى الشارع بتكلفة بسيطة) . وفى بعض القرى تقام وليمة ضخمة لأهل العريس فى الأيام التالية للخطبة تتكلف مئات وأحيانا آلاف الجنيهات , وقد تستبدل هذه الوليمة بسيارة تحمل مؤنا غذائية وهدايا من أسرة العروس إلى أسرة العريس تمشى فى موكب يشق شوارع القرية فيستفز الآخرين ويدفعهم إلى التسابق للمزيد . ونفس الشئ يحدث فى "الصباحية" حيث تتكون من عدد من السيارات تحمل موادا غذائية ولحوما ودواجن وأحيانا بقرة أو جملا تزف إلى بيت العروسين فى اليوم التالى للزفاف . وفى بعض القرى ظهر تقليد أن تذهب العروس فى فترة خطبتها إلى بيت العريس من وقت لآخر لتقضى يوما بأكمله عندهم , وقد حدث من هذا التقليد مشاكل كثيرة بعضها يمس الشرف وأخلاقيات القرية التى كانت سائدة مما استفز خطباء المساجد وراحوا يدعون إلى مقاومة هذه العادة المستحدثة .

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed