طباعة

الموارد البشرية ونجاح الأعمال

Posted in الموارد البشرية

formal-peopleمعظم الرؤساء التنفيذيين ينظرون إلى رؤساء الموارد البشرية كمديرين، وليس رجال أعمال.
أليسيا كليج
قبل خمس سنوات، مضى جوها أكراس من إدارة شبكات ''نوكيا'' ليصبح الرجل الثاني في قسم الموارد البشرية في الشركة. وأما الآن، بعد أن أصبح في منصب نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الموارد البشرية، فيقول أكراس أن قفزته في حياته المهنية شكلت تحدياً له.

عدد قليل من الشركات يضع مبتدئاً في الشؤون المالية في مركز رفيع في قسم التمويل، وبناءً عليه، لماذا تعهد مؤسسة عالمية بممارساتها المتعلقة بالبشر إلى شخص ليست لديه خبرة في قسم الموارد البشرية؟ وحسبما يشير ريتشارد فلورسك، نائب الرئيس التنفيذي، ومسؤول الموارد البشرية الأعلى في شركة ماكدونالدز قائلاً: ''لا أعتقد على الإطلاق أنك ستعين مسؤولاً مالياً أعلى ليست لديه خبرة''.
على أية حال، يعتقد أكراس أن خلفيته العملية التي شملت عمله لفترات في أقسام خدمة الزبائن، والتسويق، وتطوير العمل، والاستراتيجية، أعطته معرفة تجارية حول السياسات المتعلقة بالبشر التي يفتقر إليها العديد من قادة الموارد البشرية. ويقول: ''بإمكاني أن أنظر إلى قدرات العمل بشكل شمولي''.
لا تعتبر حالة أكراس حالة منعزلة لمدير تجاري تحول إلى رئيس للموارد البشرية. فقد دخل جيوف سكينجزلي، نائب الرئيس التنفيذي في قسم الموارد البشرية في شركة لوريال، ''تدريباً'' لمدة عام قبل أن يركز على أعلى وظيفة في قسم الموارد البشرية، بعد أن تولى أدواراً عملية في أوروبا، والهند. ويقول أن فهم الطريقة التي ينجح فيها العمل يساهم في أكثر من مجرد سد الفجوات في معرفته بشؤون الموارد البشرية. وحينما يتعامل مع مديري شركة لوريال في البلاد، فإنه يتمتع ''بصدقية'' إنجاز المهمة بنفسه.

الجدل حول من يجب أن يوجه قسم الموارد البشرية ازداد زخماً حينما تناول الموضوع ديف ألريك، المؤلف المشارك لكتاب ''لماذا السببية في العمل The Why of Work ''، والأستاذ في كلية روس لإدارة الأعمال بجامعة ميتشجان الأمريكية. وحسبما يجادل ألريك، فأنه مثلما ''أن التمويل يساهم بأكثر من مجرد موازنة السجلات في الوقت المحدد''، يجب كذلك أن يرفع قسم الموارد البشرية من رؤاه المتمثلة في إدارة ''بنود وشروط العمل''، إلى اشتقاق الاستراتيجيات البشرية التي تعتمد عليها الشركة من أجل الابتكار، واقتحام أسواق جديدة، وتحسين تصنيفات خدمة الزبائن، وإعداد قادة المستقبل.
في بعض أفضل الشركات إدارة، يحدث جانب كبير من ذلك فعلياً. وعلى أية حال، تشير الدراسات، مثل الدراسة التي أجرتها عام 2007 ''ديلويت''، شركة بريطانية للاستشارات المهنية والمالية، و ''إي آي يو''، تقرير وحدة المعلومات الاقتصادية التابع لمجلة ''إيكونوميست البريطانية،'' بعنوان ''الاصطفاف عند القمةAligned at the Top '' – الذي وجد أن نسبة 23 في المائة فقط من الشركات تعتقد أن الموارد البشرية تلعب دوراً حاسماً في تشكيل الاستراتيجية والنتائج العملية – إلى أن معظم الرؤساء التنفيذيين ينظرون إلى رؤساء الموارد البشرية كمديرين، وليس رجال أعمال.
إن وضع أشخاص ناجحين للغاية في وظائف عليا في قسم الموارد البشرية يحدث فرقاً في الكيفية التي ينظر بها الأشخاص إلى الدور. ويقول موري بيبيرل، أستاذ القيادة والتغيير الاستراتيجي في شركة آي إم دي: ''إن تعيين موهبة قوية من الخارج في قسم الموارد البشرية من شأنه أن يرسل رسالة مفادها أن الموارد البشرية وظيفة مهمة للغاية''.
على أية حال، ليس الجميع على قناعة بأن موظفي العمليات بإمكانهم على الفور تشكيل التحول إلى كونهم رؤساء في الموارد البشرية. ويقول فلورسك، وهو متخصص في الموارد البشرية، إنه في حين ''لا توجد صيغة معينة'' لما قد يشكل رئيس موارد بشرية جيداً، إلا أن هناك مهارات معينة مثل معرفة مكافأة التنفيذي، يجب أن يمتلكها كل رئيس للموارد البشرية''.

هناك أسباب أخرى يفضل لأجلها بعض الشركات تعيين متخصصين في الموارد البشرية. ويقول مايكل فينر، أستاذ الإدارة في كلية كولومبيا لإدارة الأعمال، إن إحدى الوسائل المهمة التي بإمكان رئيس الموارد البشرية أن يرفع بواسطتها الأداء التنظيمي هي تدريب الفريق التنفيذي ليصبح أفراده قادة أفضل. وحينما كان في السابق مسؤول الموارد البشرية الأعلى في شركة بيبسي كو في أوروبا، لعب الأستاذ فينر في الغالب دور المستشار المؤتمن لزملائه، ويقول لهم متى كان يشعر أنهم يسيئون معالجة الأوضاع. ويقول إن مجرد كون وظيفتك ''هي الوظيفة الوحيدة التي لا يكون فيها الرئيس مرشحاً ليحل مكان الرئيس التنفيذي، فإن من شأن ذلك أن يسمح لك أن تكون في غاية الصراحة''.
الإستراتيجية المختلفة المتطرفة لتحسين مساهمة قسم الموارد البشرية هي تفكيك الوظيفة ذاتها، بإسناد دفع الرواتب والمنافع لمصادر خارجية، وفي الوقت ذاته تمكين مديري العمليات من تعيين وتطوير موظفيهم الخاصين بهم. ولهذا النهج جدوى تتمثل في جعل كل رئيس مُديرَ مواهب – ولكنه ينطوي على مخاطر كذلك.
بادئ ذي بدء، حسبما يقول أكراس، لا يملك كل مدير الموهبة الطبيعية للتعامل مع الأشخاص. وفي حين أن بعض الرؤساء يبلون بلاءً حسناً للغاية دون أدنى شك في عملية تطوير فرقهم، إلا أن البعض الآخر قد يخطئ. وثانياً، دون وجود تنسيق مركزي، فإن الأقسام المختلفة عرضة لتفسير السياسات حول مراجعات الرواتب، وخطط الحوافز، وتخطيط الخلافة بطرق مختلفة. ومن شأن ذلك أن يسبب قلاقل حينما ينتقل الأشخاص من منصب إلى آخر، حسبما تحذر سالي ميتون، رئيسة الرأسمال البشري في ''بي دبليو سي''، شركة الخدمات المهنية في بريطانيا. وتتحدث ميتون من خبرتها. وحتى عام 2008، كانت كل منطقة أعمال خاصة بشركة بي دبليو سي تدير قسمها الخاص بالموارد البشرية. وكانت النتيجة حسبما تقول ميتون، ''التكرار وعدم الاتساق''. وأما اليوم، فترأس ميتون فريقاً مركزياً للموارد البشرية، وتقدم التقارير إلى جيمس تشالمرز، الشريك الذي يشرف على المواهب.
كيف يستطيع رؤساء الموارد البشرية إتمام عمليات التحول من رجال يضعون الأدلة للموظفين إلى أبطال للأداء التنظيمي؟

بصفتهم أفراداً، بإمكان اختصاصيي الموارد البشرية المساهمة في تعزيز آفاقهم باتخاذ منحى مختلف لمدة عام أو عامين، والعمل في وظيفة تشغيلية. وينصح الأستاذ بيبيرل قائلاً: بالنسبة للأشخاص الذين لم يسبق لهم العمل خارج قسم الموارد البشرية على الإطلاق، فإنني أقول إنك إذا أردت أن تصل إلى المستويات العليا من قسم الموارد البشرية، فينبغي عليك أن تتحرك الآن، وتتوسع في بعض المجالات.
يقول كريستيان فاسينو، مسؤول الموارد البشرية الأعلى في ''أديكو''، مجموعة التوظيف المؤقت، إن الموارد البشرية يجب أن تثبت على مستوى الشركة أن سياساتها تساهم في تحقيق أهداف السوق. وللقيام بذلك بشكل حاسم، يجب أن تصبح الوظيفة متعددة.
أما في شركة آي بي إم، فقد مكنت القدرة التحليلية لقسم الموارد البشرية من تقدير التكاليف ذات الصلة بالأشخاص عند قيام زبون جديد بالتوقيع، أو لدى دخول سوق جديدة. ويقول راندي ماكدونالد، نائب الرئيس الأعلى في قسم الموارد البشرية لدى شركة آي بي إم: ''اعتدنا قبل عدة سنوات أن نقول إن الأشخاص هم أهم الأصول التي نملكها. ونستطيع الآن أن نحدد الأصول التي نملكها بالقول: هذا هو الوقت الذي سوف يستغرقه تعيين الأشخاص، وهذه ما ستكون عليه تكلفة الإهلاك، وتكلفة نقل الشخص س من البلد أ إلى البلد ب. وإذا كنت تملك بيانات راسخة، فسوف تصبح رجل أعمال بالتأكيد''.
الاقتراب من الزبائن أمر مهم كذلك. وحينما تقوم شركة الهواتف الجوالة، O2، بالتركيز على المبيعات، فإن مديرة الموارد البشرية، آن بيكرينغ، تقدم فقرة حول الكيفية التي تعامل بها شركة O2 الموظفين، وكيف يعامل الموظفون الزبائن. وتقول بيكرينغ في هذا الصدد: ''يتمثل دوري في إثبات أن كل شيء نفعله مثل:اجتذاب المواهب، وتدريب الأشخاص، وتحديد المكافآت، يتركز فعلياً على جعل حياة الزبون أسهل''.
الشركة الأخرى التي تبني جسوراً بين ممارسات الأشخاص والسوق هي ''بي دبليو سي''. وفضلاً عن الإشراف على قسم الموارد البشرية، يرأس تشالمرز كذلك استراتيجية الشركة. ويعني دمج المسؤوليتين عند مستوى مجلس الإدارة، حسبما يقول تشالمرز، أنه مع تطور الاستراتجيية – لنفرض على سبيل المثال لزيادة الخدمات الاستشارية في شركة بي دبليو سي- فإن الشركاء يفكرون فعلياً كيف يجب أن يكون هيكل الشركة، وبرامج التعيين والحوافز فيها مرنة لتنفيذ الخطة.

 


ويقول تشالمرز في هذا السياق: ''في قطاع عملنا هذا، فإن الكيفية – الطريقة - لدى تطبيق الاستراتيجية تتعلق برمتها بالأشخاص''.
وتعتبر مهارات قسم الموارد البشرية أصلاً مهماً يجب ألا تستغني عنه الشركة – ولكن بمثابة حقنة مهارات وقدرة العمل تساهم في تحسين العوائد.

المصدر : www.stocksexperts.net