طباعة

عندما ماتت جدتي

Posted in الثقافة

grand-motherقال تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ ) .

ماتت جدتي قرة أعيننا ، وسلوى قلوبنا ، ومن لها حقٌ علينا ، فقد أكرمتنا كثيرا بتفقدها لنا وسؤالها عن صغيرنا قبل كبيرنا وبهداياها الممتعة ، فتلك سجادة أصلي عليها فأتذكرها بدعوة صادقة ،

 

وذلك ثوب كستني به فأسأل الله أن يكسوها من ثياب السندس والإستبرق ، وإن كنت أنسى فلا أنسى دعواتها المباركة لي بصلاح أبنائي وهدايتهم ، فاللهم ثبتها عند السؤال وارزقها الفردوس الأعلى .
ماتت جدتي وتركت أثراً لا يُملأ بعدها أبداً ، ورحلت عنا كسحابة صيف مرت سريعاً ، فلم نهنأ بظلها طويلاً ، ولم ننعم بثمار صحبتها كثيراً ، فقد شغلتنا دنيانا وألهانا أولادنا ومعاشنا ، فاللهم اجمعنا بها في جنات النعيم على سرر متقابلين .

ماتت جدتي فغسلتها وكفنتها وقبلت بين عينيها قبلة وداع ونظرت إليها نظرة أخيرة ، غسلتها بيدين ترتعشان وقلبٍ يضطرب وعينان زائغتان لا تكاد تصدق خبرها ، غالبت دموعي وتنكرت لقلبي وأرغمت نفسي ، فلمست جسدها الطيب فعجبت من لينوته وبرودته وكأني أقلبها نائمة ، وقد سكنت روحها وهدأت نفسها وارتخت مفاصلها ، بعد طول معاناة مع مرض فاجئاها فلم يمهلها ، وكان بها رحمة ونعمة وكفارة لذنوبها ومحوا لخطاياها، غسلتها وظفرت شعرها كأم تظفر لبنيتها الصغيرة فلا حراك ولا توجع ولا تمنع .

ماتت جدتي فبكتها أمي بكاء مراً مؤلماً ، فأحرقت دموعها فؤادي ، وأقض مضجعي توجعها وأنينها وحرقة قلبها ، فاللهم اربط على قلبها وصبّر فؤادها ، واسلُل فجيعة قلبها ، وارحم ضعفها ، وأملأ قلبها رضى وصبراً واحتساباً ياكريم .

رحلت جدتي فقالوا فلانة رحمها الله ، بعد أن كان يقال شفاها الله وعافها ، فباﻷمس كانت حية ترزق يُرجى لها الصحة والعافية ، واليوم في عداد الموتى يُترحم عليها ، وكل ذلك بين غمضة عين وانتباهتها يفعل الله ما يشاء ويقدر .

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed