طباعة

هذه الثقافة السائدة

Posted in الثقافة

knowledgeثمة حقيقة سوسيولوجية هي ان إشكالية المثقف لا تنفصل عن إشكالية الثقافة السائدة، التي بدورها لا تنفصل عن إشكالية المجتمع وأزمته وتأزمه، فهناك علاقة عضوية وجدلية تربط بين المثقف والثقافة وبينهما وبين المجتمع.
فإذا كان الأفراد في تجمعهم وتعاونهم وتنافسهم وتفاعلهم يكونون المجتمع، فان طرائق تفكيرهم وعملهم وشعورهم وسلوكهم تكون ما نسميه الثقافة، التي هي في الوقت ذاته،
الوجه الآخر للمجتمع. أما المثقف، فهو كل من ساهم ويساهم في إنتاج المعرفة الثقافية، من أدب وشعر ورواية وفن وفلسفة وعلوم إنسانية وطبيعية وغيرها، باعتباره عضواً في مجتمع ويكتسب معرفته وثقافته وسلوكه منه.

وإذا كان المثقف عضواً في المجتمع، فليس من الضروري أن يمثل طبقة معينة، فالمثقفون عموماً ينتمون الى فئات وشرائح وطبقات اجتماعية مختلفة، ولكن ما يجمعهم هو كونهم «منتجي ثقافة» وتتحدد وظيفتهم بالدور الريادي الذي يقومون به في الدفاع عن حرية الفكر وازدهاره ومساهمتهم الفاعلة في عملية توعية وتنوير الأفراد وإخصاب معارفهم وتوسيعها مثلما يتحدد دورهم في نوع الثقافة التي ينتجونها ويطورونها وينقلونها إلى الآخرين، وكذلك الكلمة التي يبدعونها والمسحة الجمالية التي يضيفونها إلى عملهم الثقافي التي تضفي عليه «هالته» وأصالته وفرادته.
و ما يميز المثقف عن غيره أنه منتج معرفة نظرية، بمعنى أنه يقوم بجهد فكري وليس عضلياً، وهذا يؤدي بنا إلى تعريف نوعي للمثقف وكذلك لوظيفته ودوره، الذي يمكن إيجازه بقدرته على امتصاص الهم الفكري والثقافي والمجتمعي المشترك وعكسه في عمله الثقافي والمشاركة في رفع المعاناة والعجز والبؤس والقدر الأعمى الذي يطاول الإنسان ويثقل كاهله من طريق رفع وعي المجتمع بذاته والتعبير عن هوية «النحن» وليس «الأنا» والتعريف بها ونقدها وإبرازها إلى الوجود للمساهمة في تطور أساليب التفكير والعمل والشعور وترويض السلوك الاجتماعي والثقافي غير السوي ورفعه إلى ما هو أرقى وأجمل.
FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed