طباعة

هل يشكل المثقفون طبقة؟

Posted in الثقافة

و من أين له بالأسس التي يبني عليها تلك الشخصية ؟ فهو يحتك و يتفاعل مع الإيديولوجيات المختلفة و مع الأفكار ذات التوجهات المختلفة، و مع العناصر البشرية المختلفة، و مع المواقف السياسية المختلفة.
و بناء على هذه العوامل المختلفة، فالعلاقة بين الجنوح إلى التسلق، و الجنوح إلى الانحدار تجنح إلى الالتقاء، كما تجنح إلى الاختلاف. فالجنوح إلى الالتقاء يتمثل في :
أ- ماهية المثقف باعتباره منتجا للقيم المساهمة في بلورة الشخصية الفردية و الشخصية الاجتماعية بقطع النظر عن الجهة المستهدفة بتلك القيم.
ب- وسائل إنتاج القيم التي تبقى هي نفسها، سواء تعلق الأمر بتسلق المثقف أو انحداره. فهذا المثقف أديب، أو مسرحي، أو سينمائي، أو رسام، أو نحات، أو إعلامي، أو صحفي، أو كاتب مقالات… و هكذا.
ج- التميز الاجتماعي نظرا لكون الناس يتعاملون مع الثقافة كشيء غير ضروري. و نظرا للخلط الذي يقوم بين التثقيف و التعلم. و لكون المثقف يظهر في المجتمع و كأنه هو الذي يتحمل مسؤولية نشر القيم في المجتمع دون اعتبار لطبيعة القيم، و هل هي عامة، و هل هي خاصة بطبقة معينة. و حتى في إطار إنتاج القيم الخاصة بطبقة معينة. فإن المثقف يكون متميزا في إطار الطبقة التي ينتمي إليها، أو التي اختارها على المستوى الإيديولوجي و السياسي و التنظيمي.
أما الجنوح إلى الاختلاف فيتمثل في :
أ- كون المثقف لابد أن يكون مصنفا في طبقة معينة على المستويات الاقتصادية والثقافية و المدنية و الإيديولوجية و السياسية، و قد يكون ملتحقا بطبقة أخرى غير طبقته عن طريق التسلق الطبقي أو عن طريق الانحدار الطبقي. و لذلك فالمثقف إما أن يكون منتجا للقيم المناسبة للطبقة التي ينتمي إليها في الأصل، و إما أن يكون منتجا للقيم المناسبة للطبقة التي تسلق إليها، أو التي انحدر إليها. فهذا المثقف إذا لم يكن مبدئيا، و ثابتا على المبادئ التي يقتنع بها، فإنه يتأرجح بين الطبقة الأصل، و بين الطبقة الفرع التي التحق بها متسلقا أو منحدراً.
ب- إن المثقف إذا كان مبدئيا، فإنه قد يكون مثاليا أو ماديا، و المثقف المثالي هو الذي ينتج قيمه الثقافية من القوة التي يعتمدها في اقتناعه، أو من الفكر الخرافي، أو الفكر المثالي بصفة عامة الذي يصير موجها له و متحكما في إنتاج القيم التي تصير بدورها مثالية ليجعل الناس ينخدعون بتلك القيم خدمة للطبقة الممارسة للاستغلال إذا كان ينتمي إليها، أو لخدمة الطبقة التي تتطلع إلى ممارسة الاستغلال كما هو الشأن للبورجوازية الصغرى التي قد يكون جزءا منها.

 

أما المثقف المادي، فهو الذي يقتنع باعتماد المنهج العلمي ذي المنطلقات المادية في القيام بالتحليل الملموس للواقع الملموس. و بالتالي، فهذا المثقف بممارسته المنهجية العلمية المادية، لا يخدم إلا مصلحة الطبقة العاملة و حلفائها إن كان يشكل جزءا منها أو انتحر إليها بعد اقتناعه بأيديولوجيتها. و انطلاقا من المنهج العلمي المادي الذي يعتمده في قراءة الواقع، فإن القيم التي ينتجها لا تخدم إلا مصلحة الطبقة العاملة و حلفائها، تلك المصلحة التي تقف وراء امتلاك الطبقة العاملة و حلفائها للوعي الطبقي المنبعث من الواقع المادي و المعنوي الذي تعيشه. و هذا الوعي هو الذي يحفزها على الانتظام في النقابات و الجمعيات التي تقود نضالاتها في أفق تحسين أوضاعها المادية و المعنوية، أو على الانتظام في حزب الطبقة العاملة الذي يقود نضالاتها من اجل القضاء على كافة أشكال الاستغلال المادي و المعنوي و بناء الدولة الاشتراكية التي تعمل على تحويل الملكية الفردية إلى ملكية جماعية لوسائل الإنتاج …
FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed