طباعة

اهتمام الإسلام بالماء ودوره في تأسيس مدينة فاس

Posted in الثقافة

ويقول أحمد ابن القاضي حول دور الماء في اختيار بقعة تأسيس مدينة فاس : " فوصل – أي إدريس- إلى وادي سبو حيث حمة خولان[18] فأعجبه الموضع لقربه من الماء ولأجل الحمة التي هناك، فشرع في عمل الأساس وقطع  الخشب وعمل الجير وابتدأ البناء ، ثم إنه نظر إلى وادي سبو وكثرة ما يأتي به من الماء في الشتاء فخاف على الناس الهلكة. فرفع يده من البناء ورجع إلى وليلي، فبعث وزيره عميرا يرتاد له موضعا يبني فيه المدينة التي أراد. فسار عمير في جماعة من قومه، فاخترق تلك النواحي حتى وصل على فحص سايس، فوجد فسحة الأرض هنالك على عين ماء غزيرة مطردة في مروج مخضرة فتوضأ هو ومن معه منها وصلى بهم صلاة الظهر، ثم دعا الله أن يهون عليه مطلبه ون يدله على موضع يرتضيع لعبادته، ثم ركب وأمر قومه أن ينتظروه عند تلك العين حتى يعود إليهم فنسبت العين إليه الآن، وهي عين عمير... فرأى عيونا كثيرة تزيد على السنتين عنصرا، مياهها تطرد في فسح من الأرض ...فشرب من ذلك الماء  واستطابه فقال هذا ماء عذب وهواء معتدل، وهو أقل ضررا وأكثر منفعة، وحوله المزارع أكثر مما حول نهر سبو، ثم سار مع مسيل الوادي حتى وصل إلى موضوع مدينة فاس، فنظر ما بين الجبلين، فرأى غيضة ملتفة الأشجار مطردة بالعيون والأنهار... فرجع عمير إلى إدريس فأعلمه ما وقع عليه من الأرض وما استحسنه من كثرة مياهها..."[19].

ويقول ياقوت الحموي عن أهمية العيون بفاس: " وقد تفجرت كلها عيونا تسيل إلى قرارة واديها إلى نهر متوسط مستتبط على الأرض منبجس من عيون في غريبها على ثلثي فرسخ...ثم ينساب يمينا وشمالا في مروج خضر، فإذا انتهى النهر إلى المدينة طلب قرارتها فيفترق منه ثمانية أنهار شق المدينة عليها نحو 600 رحى في داخل المدينة كلها دائرة لا تبطل ليلا ونهارا، تدخل في تلك الانهار في كل دار ساقية ماء كبار وصغار وليس بالمغرب مدينة يتخللها الماء غيرها إلا غرناطة الاندلس"[20].

ومما قيل في محاسن فاس:

" أرض تخللها الأنهار داخلها         حتى المجالس الأسواق والطرق"[21]

وقيل إن فاس تعتبر من بين أحسن المدن لأن المعايير التي وضعها الحكماء لأحسن المدن تتوفر عليها كما هو الشأن بالنسبة لتوفرها على:" نهر جار ومحراث طيب وحطب قريب وسور حصين وسلطان قاهر، إذ به صلاح أهلها وتأمين سلبها"[22]. وذكر لوادي فاس فضائل كثيرة...[23]. كما تتميز فاس بكثرة ماء العيون والآبار العذبة الصافية[24]. ويوجد في عدوة القرويين بفاس إلى اليوم بحي يسمى حي العيون لكثرة العيون التي كانت توجد به.

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed