طباعة

هل اتخاذ الصورة معيارًا شرك؟

Posted in الثقافة

eyesمن المسلم به في عالم اليوم أننا أصبحنا نعيش ثقافةَ الصورة، إذ أصبح التعبير بالصورة متاحًا وسهلاً ومنتشرًا بل متعديا على كل شيء (بما في ذلك الفنون الأخرى التي لم تكن قائمةً على الصورة كالغناء مثلا)، ولو أردنا توسيع دائرة هذا المقال ليشمل تأثير الصورة المتحركة على الكائن البشري فإننا سنعجزُ بالتأكيد أن نقول ما يجبُ قوله في إطارٍ مقال إليكتروني يرادُ له حتى الآن أن يكونَ معقول الحجم،

 

لذلك سنقصر اهتمامنا هنا على الصورة الثابتة وتأثيرها في وعي الكائن البشري، وكذلك على صورة الإنسان عن جسده كما يراها هو ممثلةً لصورة جسده العقلية (كما يدركها)، مع الإشارة إلى أن كل الآراء ونتائج الدراسات التي سنذكرها ما تزال ربما، بعيدةً عن الإلمام بكل الحقيقة التي يعتبرُ الإلمامُ بها فهما لأبعاد الفخ الحقيقي الذي تمثله الصورة في حياتنا دون أن يدري معظمنا إن لم نكن كلنا، وأبعاد هذا الفخ غير مفهومة بالكامل بعد.

ما الذي تفعله فينا الصورة؟

يستطيع كل من يعيشُ العقد الخامس أو السادس من عمره (ومن هم أكبر عمرًا بالطبع) أن يعود بذاكرته إلى الوراء أيام كانت الصورة الفوتوغرافية ومعظم الصور المطبوعة ما تزال في مرحلة الأبيض والأسود، في تلك الأيام وفي السنين السابقة عليها كانت أعدادُ الصور التي تقع في إطار بصر الإنسان على مدار الشهور أقل بكثيرٍ مما يقع في إطار بصره خلال يومٍ واحدٍ إن لم نقل عدة ساعات في المرحلة التي نعيشها الآن، ومن المهم أن ندرك أن معاينة الصورة تختلف إلى حد بعيد في تأثيرها عن معاينة الأصل الحي، ولا يتعلق الأمرُ هنا بأي المعاينتين أحلى، وإنما بأيهما أكذب؟ فبينما تمثل معاينة الأصل الحي على مدى الوقت اختبارًا لواقع الناس والأشياء وهذا هو الصدق الحياتي الواقعي، تمثل معاينة الصورة نقلا للحظة سكونٍ في حياة صاحبها أو صاحبتها وتثبيتا لتلك اللحظة في وعي المعاين لأنها كل ما تملكه الصورة، وهذا كذبٌ لأنه ينافي الواقعَ كما يخالف وحقيقة الأصل خارج لحظة التقاط الصورة، فربما تغيرت صاحبتها الأصل، لكن الصورة تبقى ثابتة لتكذب على كل من يعاينها دون أن يفطن إلى ذلك، وواقع ما نعيشه اليوم هو أننا يستمر قصف عيوننا يوميا بآلاف الصور، والأسوأ هو إلحاح هذه الصور على نماذج معينةٍ (غير واقع الناس) وهي نماذجٌ تتكرر دائما، وتربط بمعانٍ معينة في أذهاننا، والمؤسف هو أن توجيه وعينا كبشر ممكنٌ من خلال ذلك خاصةً إذا لم ننتبه للفخ الذي تشدنا فيه الصور، وكي لا يأخذني التأمل بعيدًا في مآسينا كبشر، فإنني سأحصر بقية المقال حول نموذج الجمال الغربي النحيل.

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed