طباعة

مبدع أم مبتدع ؟؟

Posted in المجتمع

إذن فلنبحث عن الظروف التى كبتت الابداع وأحبطته فى مجتمعاتنا العربية والإسلامية ونوجزها فيما يلى :

 

1 - الخلط بين مفهوم الابداع والابتداع : مما جعل الناس بشكل مباشر أو غير مباشر ينفرون من الابداع خوفا من الوقوع فى دائرة الابتداع . والابداع هو رؤية علاقات جديدة بين الاشياء وربطها بشكل جديد والوصول إلى أشياء جديدة تضاف إلى الرصيد البشرى فى التطور . أما الابتداع فهو محاولة اضافة شئ غير أصيل وغير ثمين إلى شئ أصيل وثمين . وهذا المفهوم (الابتداع) يستخدم على وجه الخصوص فى المجال الدينى وهو مفهوم سلبى لأن الاضافة فى هذا المجال تشويه وتلويث خاصة إذا اقتربت من الاصول المحكمة التى لا خلاف فيها ولا مجال للاجتهاد .

ولقد حدث فى بعض الاوقات وفى كثير من الاذهان خلط آخر بين مفهوم الابتداع ومفهوم الاجتهاد (وخاصة فى العصور المتأخرة ) فتقلص الاجتهاد وتقوقع المجتهدون خوفاً من الوقوع فى دائرة الاتهام بالابتداع .

2- علاء قيمة الاتباع (والانقياد لما هو سائد) على قيمة الابداع : وليس المقصود بالاتباع هنا اتباع الأصول الدينية ،  وإنما اتباع العرف والتقاليد وكل ما هو سائد رغم مخالفة الكثير منه لما هو صحيح . ويزيد من ضغط هذا العامل الترابط الاجتماعى والأسرى (وهو عامل ايجابى بلا شك حين يأخذه مساره الصحيح) مما يجعل خروج شخص ما بفكرة جديدة أو عمل جديد يخالف ما هو سائد – عملية تحمل مخاطر تهديد العلاقات الأسرية والاجتماعية مما يجعل الشخص يؤثر كتمان أو قتل أى فكرة ابداعية فى مهدها محافظة منه على الاستقرار السائد .

3- طريقة التربية : والتى تعلى من قيمة الطاعة العمياء والانقياد لارادة وخيارات الكبار وتعطيل إرادة وخيارات الصغار ، وتقديس السابقين وتحقير اللاحقين ، وعدم الاحتفاء بالجديد بل النظر إليه بخوف وارتياب ومعاملة من أتى به معاملة المارقين الخارجين عن الاجماع .

4- المناخ العام فى المدارس والجامعات : يسود فى كثير من مدارسنا وجامعاتنا ومعاهد أبحاثنا مناخ عام ينفر ويفزع (بشكل معلن أو غير معلن) من نبضات الابداع الجريئة وينبذ صاحب هذه النبضات فى أقرب فرصة ممكنة ،  ولا يسمح إلا باحتضان المسالمين (والمستسلمين) والمنقادين لخط التقليد (والتطفل) العلمى السائد طلباً للسلامة والاستقرار العلمى الزائف .

5- غياب الحرية : سواء على المستوى الفردى أو الجماعى ، فالابداع لا ينمو إلا فى مناخ حر يسمح بتعددية الرؤى والاجتهادات والممارسات ، أما فى المناخ الاستبدادى حيث أحادية الرؤية والاتجاه والممارسة فإن الابداع يموت أو يتوارى خشية الاتهام بالمروق والعصيان والتآمر .

6- تقديس ما لا يجب تقديسه : فنحن كأمة نمتلك تراثاً هائلا من الأديان والفلسفات والأعراف والتقاليد ، وكلها تأخذ فى العق الجمعى مكانة أقرب للتقديس ، وهذا يجعل مناطق الحظر عديدة ومتشابكة ويشكل عبئاً تقيلاً على حركة الفكر والابداع . كذلك يجب إعادة النظر فى ذلك التراث بحيث لا نقدس منه إلا ما كان وحياً إلهياً لنبى أو رسول أما قول البشر خارج هذه الدائرة فهو قابل للأخذ والرد .

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed