البوابة
المكتئب النعّاب
والاكتئاب فى هذه الحالة يخلو غالباً من الإضطراب الوجدانى الأصيل فلا تشعر بحزن عميق أو أصيل لدى المريض ، وإنما تلاحظ شكاوى وأعراض أغلبها على المستوى العقلانى الجاف ، وتزداد الأعراض حدة فى وجود بعض الأشخاص خاصة الذين يطمع المريض فى الحصول على رعايتهم وجذب اهتمامهم نحوه مثل الزوجة (أو الزوج) أو الأبناء أو الطبيب وتزداد أيضاً كلما لاحت فى الأفق بوادر تحمل مسئولية فى الأسرة أو فى العمل أو فى الحياة .... عندئذ تشتد الأعراض وتزيد الشكوى . وربما يكون هناك تداخل فى هذه الحالة بين اضطراب الاكتئاب وبين ما يسمى الاضطراب المصطنع Factitious Disorder وفيه يميل الشخص إلى لعب دور المرض Sick Role ولا يريد شيئاً غير ذلك ,وهو يسعى دائما لأن يكون فى أحضان المستشفيات أو العيادات ولا يشعر بالأمان إلا إذا كان تحت رعاية طبية . وغالباً ما تبدأ حالة الإكتئاب النعّاب بإكتئاب حقيقى يستوفى كل شروط الإكتئاب ، ولكنه يتحول بعد فترة تبعاً لشخصية المريض واحتياجاته والظروف المحيطة به إلى هذا النوع من الإكتئاب اللزج الطفيلى الإعتمادى . وتبدو على المريض بهذا النوع من الإكتئاب الكثير من أعراض القلق فهو يشعر بالتوتر (Tension) والتوجس (Apprehension) ويتوقع حدوث شيء سيئ ويشعر بالتهديد باستمرار ولا يستقر فى مكان ويعانى من الأرق والشعور بالإختناق أو قصر النفس , وسرعة ضربات القلب وكثرة التعرق , ورعشة وبردوة بالأطراف وقلة الشهية للطعام .ويميل المريض إلى القول والإعتقاد بأنه لا فائدة من أى شيء ولامعنى لأى شيء ولا ضرورة لأى شيء ... , ومع هذا لا ينسحب أويسكت , وإنما يلقى بكل هذا على من حوله ويريدهم أن يجدوا له حلاً , ويعلن وذلك طول الوقت بشكل مباشر أو غير مباشر . وقد وصف الدكتور الرخاوى هذا النوع من الإكتئاب بقوله:» هذا النوع من الإكتئاب هو المكافئ للوجود الإنفصامى (وليس الفصام)وهو أقرب ما يكون إلى ما وصف مؤخراً فى التقسيم الأمريكى الثالث للأمراض النفسية (DSM III 1978 ) عن الشخصية فصامية النوع (Schizoytpal personality) , وفيه يبدو الشخص طفيلياً معتمداًُ كثير الشكوى نقاقاً نعابا ناعياً حظه متحوصلاً على ذاته وهو بهذه الحال يقوم بتفعيل ميوله الإعتمادية الرضيعية (Acting out his infantile dependency) , و يبلغ تأصل هذا النوع درجة تكافئ الوجود الفصامى المزمن . كما أن وظيفته الإعتمادية التحوصلية تؤدى نفس الهددف التوقفى ( الرخاوى 1979 , دراسة فى علم السيكوباثولوجى , دار عطوه للطباعة , القاهرة , ص155-156) .
والربط بين الإكتئاب النعاب وبين الشخصية فصامية النوع خاصة بعد إتضاح معالمها فى التقسيم الأمريكى الرابع للامراض النفسية DSM IV 1994 ( يبدو ضعيفاً من الناحية الوصفية الإكلينيكية , فالإضطراب الأخير يعنى غرابة فى المعتقدات وأفكار سحرية وغرابة فى التفكير ومظهر شاذ اوغير معتاد مع إنحسار فى المشاعر والعلاقات الإجتماعية , والشخص المضطرب هنا لا يهمه أن يشكو ولا يهمه أن يسمعه أحد بل هو بعيد عن كل الناس أو يريد ويتمنى أن يكون بعيداً وأن يتركه الآخرون فى حاله . وهذا يختلف كثيراً عن المكتئب النعاب الذى يلتصق بالآخرين ويعتمد ويتطفل عليهم ويريد جذب إهتمامهم ويتسول مشاعرهم وهو لا يتصف بأي من الصفات سالفة الذكر والتى إتصف بها إضراب الشخصية فصامية النوع . وربما يكون وجه التشابه فى المآل حيث يتوقف النمو فى الحالتين , ولكن هذا الوجه من التشابه يبدو أضعف من أن يربط بين هذين النوعين من الإضطراب .