طباعة

المصريون والشعوذة

Posted in المجتمع

 

وحين تتسع مساحة الغيب في الوعي العام ثم لا تمتلئ هذه المساحة بمفاهيم دينية أو علمية صحيحة , هنا تتسلل المفاهيم الخرافية لتتمدد في هذه المساحة الغيبية .

وقد يقول قائل بأن الإعتقاد في الخرافات وممارسة الشعوذة موجود في كل الشعوب والثقافات وليس مقصورا على مجتمعاتنا , حتى في أكثر الدول تقدما توجد لديهم معتقدات وممارسات سحرية ودجل وشعوذة , وهذا صحيح غير أن ثمة فارق مهم , وهو أن في الدول المتخلفة تشكل الخرافة وما يتبعها من ممارسات دجل وشعوذة مساحة هائلة في الوعي العام وتتبقى قشرة بسيطة للتفكير العلمي , أما في المجتمعات المتقدمة فلا تعدو الممارسات الخرافية والسحرية أن تكون مجرد قشرة رقيقة أو ديكور أو مسحوق تجميل , أما باقي مساحة الوعي فيشغلها التفكير العلمي والمنهج العلمي , أي أن الشعوذة لدينا أصل ولديهم ديكور .

أشكال الشعوذة في المجتمع المصري :

هناك اذدحام وتراكم لأشكال الشعوذة في مصر , حيث يعود تاريخها إلى آلاف السنين , وتنتمي إلى طبقات تاريخية متعددة , ولذلك فهي تستعصي على الحصر , ولكن نذكر منها على سبيل المثال : الإتصال بالجان , وتحضير الأرواح , وقراءة الفنجان والكف , وضرب الودع , والرمل , وقراءة الطالع في البلورة , والتنجيم , والزار .

ومن أكثر ممارسات الشعوذة في الوةقت الحالي عمليات إخراج الجان من أجساد المرضى , فملايين من الشعب المصري (وأكثر منهم في الشعوب العربية) يعتقدون أنهم ملبوسون بالجن أو ممسوسون منهم , وقد استدعى هذا وجود آلاف ممن يقومون بإخراج الجن من أجسادهم , وهؤلاء يدّعون أنهم مشايخ , وهم في الحقيقة من أنصاف المتعلمين الذين يملأون عقول العامة بتفسيرات ملتوية لتأكيد قوة وسطوة الجن عليهم وعلى حياتهم , وبالتالي يضمنون سيطرتهم عليهم , وبعضهم يدّعي أنه لا يتكسب من وراء إخراج الجن بالقراءة وإنما يفعلها لوجه الله , وهو إما أن يكون باحثا عن مكسب غير مباشر (كهدايا أو دفع ثمن بخور أو مواد عطارة أو طيور أو عطور تستخدم في هذه العملية ) أو أنه فعلا لا يحتاج مالا ولكنه يحتاج لسمعة وشهرة وسطوة ومكانة اجتماعية كشيخ مبروك له قدرة على السيطرة على الجن المارق . وعلى الرغم من استنكار العلماء الحقيقيون الراسخون في العلم لهذه الممارسات التي انتهكت حرمات النساء وحياة بعض الرجال (حيث تمت حالات تحرش واغتصاب بدعوى إخراج الجن من أجساد النساء , كما مات بعض المرضى تحت وطأة الضرب أثناء إخراج عفريت عنيد) .

ويأتي إخراج السحر في المرتبة التالية , وله طقوس تختلف من مشعوذ لآخر , فبعضهم يذهب إلى القبور ليخرج منها شيئا , وبعضهم يخرجها من إناء فيه ماء في صورة لفافة من الشعر مغموسة في الحناء وملفوفة بأوراق عليها حروف مقطوعة أو موصولة بشكل غير مفهوم , وبعضها يحوي بعض الآيات القرآنية أو النصوص الإنجيلية .

ولم يتوقف الأمر على المشايخ بل دخل بعض القساوسة في المجال مبكرا وراحوا يخرجون الجن ويصنعون التمائم والتعاويذ مثلهم مثل المشايخ تماما , وكأن الأمر لا يرتبط بدين بقدر ما يرتبط بثقافة ومصالح ترتدي عباءة الدين .

وتنتشر عادة قراءة الفنجان لدى الطبقة المتوسطة , وهذه القراءة تقوم بها بعض النساء ممن يدعين القدرة على ذلك , وهي عبارة عن تنبؤات لشارب القهوة تتم من خلال قراءة خطوط بقايا البن في الفجان , وكثير من الناس يعتقدون قي هذه القراءة ويشكلون حياتهم بناءا عليها . وغالبا تتم هذه القراءة بشكل ودي دون تقاضي أموال , أي أنها شعوذة بيتية مجانية تتم بين المعارف والأصدقاء

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed